بداية لا بد من التوضيح مالمقصود بادارة المشاريع الإحترافية. ففي جميع قطاعات الحياة هناك من الناس من تعلم المهنة أو الحرفة من خلال العمل مع من سبقوه بها وهناك من صقل مهارته وطور أداءه من خلال الإنتساب الى دورات أو معاهد إحترافية كمراكز التدريب المهني أو الدراسة الأكاديمية في الفرع الصناعي وهكذا.
وكذلك الحال في مجال إدارة المشاريع. فهناك من يعمل في هذا المجال مستندا إلى ميوله ورغبته في المجال معتمدا على بعض المهارات المكتسبة من الخبرة العملية بدون إطار علمي أو نظري يربط بين هذه المهارات، في المقابل هناك من رأى ضرورة الوصول للإحترافية في مجال إدارة المشاريع من خلال إتباع أفضل المنهجيات العالمية وتطبيق أحدث الوسائل والأدوات والمعايير المهنية لرفع مستوى الكفاءة وزيادة فرص المنافسة مع الاخرين من خلال بناء القدرة على تنفيذ المشاريع بكفاءة وجودة عالية ضمن المحددات الموجودة مثل ميزانية المشروع ونطاق العمل ودون الإخلال أو تجاوز الجدول الزمني لإنجاز المشروع بمراحله المختلفة
ولهذا أنشيء معهد إدارة المشاريع (PMI) في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1969 كمعهد غير ربحي قائم على تطوير وتأطير مجال إدارة المشاريع من خلال تبني أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. وهذا يعني بالضروروة وجود لغة إدارة مشاريع عالمية تمكن المحترفين في هذا محال إدارة المشاريع من العمل بكفاءة باختلاف المكان والظروف وباختلاف الدول والبدان. وبدأ المعهد باصدار واعتماد (شهادة) مدير مشروع محترف والمعروفه بشهادة (PMP) حيث تم نشر النسخة الأولى من مرجع إدارة المشاريع المعروف ب (PMBOK – Project Management Body of Knowledge) عام 1996 وتبعها تطور وتحسين مستمر من خلال إصدارات مرجعية متعددة وصولا الى الإصدار السابع المعتمد حاليا بناء على تطور المفاهيم ومشاركة المختصين والخبراء حول العالم في هذا المجال
نظرة سريعة على واقع الإحتراف في مجال إدارة المشاريع في فلسطين ومقاررنه مع الدول العربية الأخرى وبخاصة دول الخليج العربي وحسب الإحصائيات المنشورة على موقع معهد إدارة المشاريع (PMI):
نلاحظ بوادر وإشارات إيجابية من خلال زيادة بل تضاعف أعداد الحاصلين على شهاد الإحتراف في إدارة المشاريع في فلسطين في الأعوام الثلاثة الأخيرة. فبينما أستغرق الأمر 11 عاما للوصول الى عدد الحاصلين على الشهادة في فلسطين بنهاية عام 2019 إلى (56 شخص) تضاعف الرقم بنهاية عام 2020 (خلال عام واحد فقط) الى (111 شخص) وصولا الى مستوى 160 شخص حاليا. وهذا يعكس بلا شك مستوى متقدم من الطموح وإدراك الحاصلين على الشهادة باهمية رفع مستوى مكانتهم التنافسية في سوق العمل ويؤهلهم للحصول على فرص أفضل سواء في الوطن أو الخارج
ثم إن مجال إدارة المشاريع لا يقتصر فقط على إدارة مشاريع فردية فقط فهناك من يدير عدة مشاريع ذات صلة في نفس الوقت تحت مظلة "البرامج" وهذا تطلب من معهد إدارة المشارع مواكبة المتطلبات بإصدار شهادة واعتماد خاصة بادارة البرامج الإحترافية (PgMP) والتي تؤهل حاملها من إدارة عدة مشاريع مترابطة لتحقيق منافع أفضل للشركات والمؤسسات.
وكذلك هناك إدارة المحافظ التي تهتم بتنفيذ استراتيجية الشركات والمؤسسات وتحقيق الأهداف الأستراتيجة لها. وبدأ المعهد بإصدار شهادة إدارة المحافظ (البورتفوليو) الإحترافية (PfMP) بنهاية عام 2013 ويوجد في فلسطين إثنان فقط حاصلين على هذه الشهادة وكان كاتب هذه السطور أول من حصل عليها في فلسطين عام 2018
وهناك المزيد من الجوانب المهمة في إدارة المشاريع والتي لها إعتماد وشهادة من المعهد مثل إدارة المخاطر (RMP), والجدولة (PMI-SP), ومنهجية الإدارة الرشيقة (الأجايل) (ACP) وإدارة الأعمال (PBA)
الوضع في فلسطين في مجال إدارة المشاريع الإحترافية يدعو للتفائل ولكن بحاجة أيضا لإستمرار وزيادة مستوى لدعم والتثقيف ونشر المعرفة بأهمية إتباع أفضل المنهجيات من خلال الحصول على الأعتماد من جهات ذات مصداقية مهنية مشهود لها كمهعد إدارة المشاريع (PMI). هناك دور أساسي وفاعل لنقابة المهندسين الفلسطنين وأستمرارها في تطوير ودعم مجال الأحتراف في إدارة المشاريع من خلال عقد ورش عمل تثقيفية وتقديم دورات تدريبية تؤهل المهندسين من الحصول على الأعتماد مما يعكس رفع كفاءتهم وزيادة مهارتعم في إدارة المشاريح نحو الأفضل.
