نحن اليوم بحاجة لتعلم التدريب وممارسته فلا غنى عن التعليم ولا غنى عن التدريب، لأن التعليم هو نقل معلومات، أما التدريب هو نقل معلومات وتنمية المهارات، فالمدرب الفعال والمحترف لا يعلمني بل ينمي مهاراتي، والتدريب الفعال هو تغيير قناعات، لأن المدرب الفعال والمحترف بإمكانه أن يغير قناعات المتدربين ويهزها، وهذه الميزة غير متوفرة في التعليم، وهي أصعب مرحلة بالنسبة للمدرب وهي أن يغير قناعات المتدربين أو المشاركين.
كما أن التدريب يتميز بتغيير السلوك، تغيير سلوك المتدرب، فإذا لم يتم تغيير سلوك المتدرب ما الهدف من عملية التدريب.
وإذا نظرنا اليوم لكبرى الشركات العالمية مثل شركة جوجل وشركة يوتيوب وشركة أمازون وشركة علي بابا الصينية لا يركزون على الشهادة الجامعية بل يركزون على التدريب وصقل مهارات الموظف واكتساب المهارات والسلوك العملي للوظيفة.
ونحن في التعليم في وطننا العربي نفتقد كثيراً لجانب اكتساب المهارات وتطويرها، وبرأيي الشخصي لن نكتسب هذه الأمور إلا من خلال عمليات ومراحل التدريب المختلفة.
التعليم في وطننا العربي أصبح مجرد عملية تلقين للمعلومات بدون منهجيات تطبيق عملية لاكتساب تلك المعلومات، بينما في التدريب أنت تكتسب وتطبق المعلومات وتكتسب وتطور المهارات.
نحتاج الآن لصقل مهارات الفرد وتغيير سلوكه وإكسابه مهارات عملية وسوقية صحيحة، وأن يكون التدريب جزء مهم في جوانب حياتنا العملية والعلمية، فبدون التدريب لن نستطيع أن نبدع في تطبيق المعارف والمعلومات والخبرات، ولن نصل لمراحل عملية إبداعية.
مجتمعنا الآن أصبح مليء بكم هائل من الشهادات العلمية أكثر بكثير من المهارات والسلوكيات المهنية العملية، ولا نرى التطور الهائل من تلك الشهادات، ولكي نبدع في عمليات التدريب نحتاج اليوم لمؤسسات تدريب ذات منهج تدريب احترافي ، منهج تدريب مبني على تطوير سلوكيات الأفراد وتحسين أدائهم وإنتاجيتهم بطريقة مهنية وعملية، فكثيراً ما نرى اليوم مؤسسات ومراكز تدريب تسوق كثيراً لدوراتها التدريبية بشدة ولكن المشكلة أننا لا نلمس التطور الهائل في برامجها التدريبية الموجهة للأفراد والشركات، لأنها ببساطة لم تستطع أن تبني وتوضح منهجها التدريبي على أسس علمية وعملية.
وفي الختام بصفتي مدرب ريادي أنا مع كيان التدريب ومع اكتساب المعلومات والخبرات والسلوكيات الصحيحة من خلال عمليات التدريب المختلفة، لأن التعليم في مجتمعاتنا العربية لا يكفي ولا يوصلنا لنتيجة عملية مرضية، وأتمنى أن يتم دمج التدريب مع التعليم في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية في فلسطين، لكي يتم تخريج قيادات تستطيع أن تبدع في مسارها المهني والعلمي.
وأنا اليوم مدرب ريادي ولم أصل لهذا المسمى بدون تدريب ذاتي وصقل لمهاراتي وخبراتي الريادية، لأن التدريب الممنهج ساعدني كثيراً في الوصول لأهدافي المهنية بسهولة ووضوح، ولكي نصل للإبداع في مجالنا العملي لابد من مواصلة التعلم والتدريب الذاتي، فبدون تدريب لن نستطيع أن نصنع براند شخصي لأنفسنا.
ولنفرض أن لدي شركة وأريد أن أوظف فريق عمل محترف ومتميز، هنا لا يهمني حجم الشهادات العلمية التي يحملها أعضاء الفريق بقدر ما أهتم بحجم التدريب والخبرات العملية والمهارات العملية والسلوكية التي يحملونها ويتمتعون بها، لأن الشركات والمؤسسات القوية اليوم تركز على الجانب المهني والعملي والسلوكي للموظف.
وأنا هنا لا أنفي صفة التعليم المدرسي والجامعي، بل يجب أن نتعلم ونكتسب أساسيات التخصصات الجامعية، ولكن التدريب هنا مكمل للتعليم وجزء لا يتجزأ من مراحل التطور والنمو العملي، فلا يوجد تطور ونمو بدون تعليم، ولا يوجد تطور ونمو بدون تدريب، فالتعليم والتدريب مسارين مكملين لبعض، ولكن الجزء الأقوى والأسمى هنا هو التدريب الممنهج ذات الأسلوب المهني الصحيح.